الثلاثاء، 24 يونيو 2008

معرفة الله سبحانه وتعالي وتوحيده جل شأنه فى كلمات يعسوب الدين(ع)

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد السراج المنير وآله الطاهرين

ربما اغفل المسلمين بل واغفلت البشرية فى خضم الصراعات الدنيوية والفكرية التى لا غاية لها الا رفض الاخر والتمسك باوهام وظنون وتناست ونسيت الهدف من مبعث الانبياء العظام عليهم جميعا السلام وراح التشتت يأخذهم والتفرق يعصف بهم حتى اصبح كل حزب بما لديهم فرحون وعن الله سبحانه وتعالى غافلون

لقد اسس الامام علي عليه السلام ثورة فكرية وعقائدة و لو قدر للامة المسلمة بجميع فرقها أن تنهل من المنهل العذب الرقراق الذي فجره‏علي (ع) في دنيا الفكر الاسلامي، لاجتمعت الكلمة و توحد الصف و الهدف، و ما شهدت دنيا المسلمين أي لون من ألوان الشطحات و الانحرافات المضلة التي جنح إليها رهط من أتباع المدارس الفكرية عند المسلمين

وسأستعرض بعض كلمات امير المؤمنين فى توحيد الحق سحانه

يقول عليه السلام

( الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، و لا يحصي نعماءه العادون، و لا يؤدي حقه المجتهدون، الذي لا يدركه بعد الهمم، و لا يناله غوص الفطن، الذي ليس لصفته حد محدود، و لا نعت موجود، و لا وقت معدود، و لا أجل ممدود، فطر الخلائق بقدرته و نشر
الرياح برحمته، و وتد بالصخور ميدان أرضه
أول الدين معرفته، و كمال معرفته التصديق به، و كمال التصديق به توحيده، و كمال توحيده الإخلاص له، و كمال الإخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، و شهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، و من قرنه فقد ثناه، و من ثناه فقد جزاه، و من جزأه فقد جهله، و من جهله فقد أشار إليه، و من أشار إليه فقد حده، و من حده فقد عده، و من قال (فيم؟) فقد ضمنه، و من قال (علام؟) فقد أخلى منه. كائن لا عن حدث، موجود لا عن عدم. مع كل شي‏ء لا بمقارنة، و غير كل شي‏ء لا بمزايلة، فاعل لا بمعنى الحركات و الآلة، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه، متوحد إذ لا سكن يستأنس به، و لا يستوحش لفقده. أنشأ الخلق إنشاء، و ابتدأه ابتداء، بلا روية أجالها، و لا تجربة استفادها، و لا حركة أحدثها، و لا همامة نفس اضطرب فيها، أحال الأشياء لأوقاتها، و لأم بين‏مختلفاتها، و غرز غرائزها، و ألزمها أشباحها، عالما بها قبل ابتدائها، محيطا بحدودها و انتهائها، عارفا بقرائنها و أحنائها)

نهج البلاغة الخطبة الاولي

ويقول عليه السلام فى خطبته المعروفة بخطبة التوحيد


( ما وحّده من كيّفه ، ولا حقيقتهُ أصاب من مثّله ، ولا إيّاه عنى من شبّهه ، ولا صمده من أشار إليه وتوهّمه ، كل معروف بنفسه مصنوع ، وكل قائم في سواه معلول ، فاعل لا باضطراب آلةٍ ، مقدّر لا بجول فكرة ، غني لا باستفادة ، لم لا تصحبه الأوقات ، ولا ترفده الأدوات ، سبق الأوقات كونه ، والعدم وجوده ، والابتداء أزله ، بتشعيره المشاعر عرف ألاّ مشعر له ، وبمضادته بين الأمور عرف ألا ضد له ، وبمقارنته بين الأشياء عرف ألاّ قرين له .

ضاد النور بالظلمة ، والوضوح بالبهيمة ، والجمود بالبلل ، والحرور بالصرد ، مؤلّف بين متعادياتها ، مقارن بين متبايناتها ، مقرّب بين متباعداتها ، مفرّق بين متدانياتها ، لا يُشمل بحد ، ولا يحسب بعد ، وإنّما تحد الأدوات أنفسها ، وتشير الآلات إلى نظائرها ، منعتها ( منذ ) القدمية ، وحمتها ( قد ) الأزلية ، وجنبتها ( لولا ) التكملة ، بها تجلى صانعها للعقول ، وبها امتنع عن نظر العيون ، لا يجري عليه السكون والحركة .

وكيف يجري عليه ما هو أجراه ؟ ويعود فيه ما هو أبداه ؟ ويحدث فيه ما هو أحدثه ؟ إذاً لتفاوتت ذاته ، ولتجزأ كنهه ، ولامتنع من الأزل معناه ، لو كان له وراء لوجد له إمام ، ولالتمس التمام إذ لزمه النقصان ، وإذاً لقامت آية المصنوع فيه ، ولتحول دليلاً بعد أن كان مدلولاً عليه ، وخرج بسلطان الامتناع من أن يؤثر فيه ما يؤثر في غيره ، الذي لا يحول ولا يزول ، ولا يجوز عليه الافوال ، لم يلد فيكون مولوداً ، ولم يولد فيكون محدوداً ، جل عن اتخاذ الأبناء ، وطهر عن ملامسة النساء .

لا تناله الأوهام فتقدره ، ولا تتوهّمه الفطن فتصوّره ، ولا تدركه الحواس فتحسّه ، ولا تلمسه الأيدي فتمسّه ، لا يتغير بحال ، ولا يتبدل بالأحوال ، لا تبليه الليالي والأيّام ، ولا يغيّره الضياء والظلام ، ولا يوصف بشيء من الأجزاء ، ولا بالجوارح والأعضاء ، ولا بعرض من الأعراض ، ولا بالغيرية والأبعاض .

ولا يقال له حد ولا نهاية ، ولا انقطاع ولا غاية ، ولا أنّ الأشياء تحويه فتقلّه أو تهويه ، أو أنّ شيئاً يحمله فيميله أو يعدله ، ليس في الأشياء بوالج ولا عنها بخارج ، يخبر بلا لسان ولهوات ، ويسمع بلا خروق وأدوات ، يقول ولا يلفظ ، ويحفظ ولا يتحفظ ، ويريد ولا يضمر ، يحب ويرضى من غير رقة ، ويبغض ويغضب من غير مشقّة .

يقول لما أراد كونه كن فيكون ، لا بصوت يقرع ، ولا نداء يسمع ، وإنّما كلامه فعل منه أنشأه ومثله ، لم يكن من قبل ذلك كائناً ، ولو كان قديماً لكان إلهاً ثانياً ، لا يقال كان بعد أن لم يكن ، فتجرى عليه الصفات المحدثات ، ولا يكون بينها وبينه فصل ولا عليها فضل ، فيستوي الصانع والمصنوع ، ويتكافأ المبتدئ والبديع .

خلق الخلائق على غير مثال خلا من غيره ، ولم يستعن على خلقها بأحد من خلقه ، وأنشأ الأرض فأمسكها من غير اشتغال ، وأرساها على غير قرار ، وأقامها بغير قوائم ، ورفعها بغير دعائم ، وحصنها من الأود والاعوجاج ، ومنعها من التهافت والانفراج ، أرسى أوتادها ، وضرب اسدادها ، واستفاض عيونها ، وخد أوديتها ، فلم يهن ما بناه ، ولا ضعف ما قواه .

هو الظاهر عليها بسلطانه وعظمته ، وهو الباطن لها بعلمه ومعرفته ، والعالي على كل شيء منها بجلاله وعزته ، لا يعجزه شيء منها يطلبه ، ولا يمتنع عليه فيغلبه ، ولا يفوته السريع منها فيسبقه ، ولا يحتاج إلى ذي مال فيرزقه ، خضعت الأشياء له فذلّت مستكينة لعظمته ، لا تستطيع الهرب من سلطانه إلى غيره ، فتمتنع من نفعه وضره ، ولا كفؤ له فيكافئه ، ولا نظير له فيساويه .

هو المفني لها بعد وجودها ، حتى يصير موجودها كمفقودها ، وليس فناء الدنيا بعد ابتداعها ، بأعجب من إنشائها واختراعها ، وكيف ولو اجتمع جميع حيوانها من طيرها وبهائمها ، وما كان من مراحها وسائمها ، وأصناف أسناخها وأجناسها ، ومتبلدة أممها وأكياسها ، على أحداث بعوضة ما قدرت على إحداثها ، ولا عرفت كيف السبيل إلى إيجادها ، ولتحيّرت عقولها في علم ذلك وتاهت ، وعجزت قواها وتناهت ، ورجعت خاسئة حسيرة ، عارفة بأنّها مقهورة ، مقرّة بالعجز عن إنشائها ، مذعنة بالضعف عن إفنائها .

وأنّه يعود سبحانه بعد فناء الدنيا وحده لا شيء معه ، كما كان قبل ابتدائها ، كذلك يكون بعد فنائها ، بلا وقت ولا مكان ، ولا حين ولا زمان ، عدمت عند ذلك الآجال والأوقات ، وزالت السنون والساعات ، فلا شيء إلاّ الواحد القهّار ، الذي إليه مصير جميع الأُمور .

بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها ، وبغير امتناع منها كان فناؤها ، ولو قدرت على الامتناع لدام بقاؤها ، لم يتكاءده صنع شيء منها إذ صنعه ، ولم يؤده منها خلق ما برأه وخلقه ، ولم يكوّنها لتشديد سلطان ، ولا لخوف من زوال ونقصان ، ولا للاستعانة بها على مكاثر ، ولا للاحتراز بها من ضد مثاور ، ولا للازدياد بها في ملكه ، ولا لمكاثرة شريك في شركه ، ولا لوحشة كانت منه فأراد أن يستأنس إليها .

ثمّ هو يفنيها بعد تكوينها ، لا لسأم دخل عليه في تصريفها وتدبيرها ، ولا لراحة واصلة إليه ، ولا لثقل شيء منها عليه ، لا يمله طول بقائها فيدعوه إلى سرعة إفنائها ، لكنّه سبحانه دبّرها بلطفه ، وأمسكها بأمره ، وأتقنها بقدرته ، ثمّ يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها ، ولا استعانة بشيء منها عليها ، ولا لانصراف من حال وحشة إلى حال استئناس ، ولا من حال جهل وعمى إلى حال علم والتماس ، ولا من فقر وحاجة إلى غنى وكثرة ، ولا من ذل وضعة إلى عز وقدرة )


ان هذه الدرر العلوية تحتاج الى الاف الاف المجلدات لشرح معانيها التى تشير الى الحقائق الالهية التى اغفلها كثيرون وليس مبحثنا هو الشرح بقدر ما هو التذكير والتنبيه الى هذا الصراط المستقيم والتوجه اليه فهو يقودنا الى معرفة الحق سبحانه وتعالي والى حب الحق سبحانه وتعالى والتعلق به

ان قلائل من ادركو هذا النهر الخالد واخذو ينهلون منه وللاسف فان البشرية فى احوج الاوقات الى النهل من باب مدينة العلم المحمدية بعدما تقطعت بها الطرقات فى هذا العالم واصبح يسيطر عليها حب النفس والدنيا

واعجب من هؤلاء غير المسلمين الذين ادركو عظمة الامام علي عليه السلام وسمو الرسالة المحمدية صلى الله عليه وآله وسلم فماهو هذا السر الذي جعلهم يعشقون الاسلام ويعشقون الامام علي عليه السلام لهذه الدرجة!!

يقول بولس سلامة



لا تقل شيعة هواة علي ** ان كل منصف شيعياً
هو فخر التاريخ لا فخر شعبٍ **يصطفيه و يدعيه ولياَ
جلجل الحق في المسيحيّ حتّى **اصبح من فرط حبّه علويا
انا من يعشق البطولة** والالهام و العدل والخلق الرضيا
فاذا لم يكن عليُّ نبياً **فلقد كان خلقه نبويّا
انت ربُّ للعالمين الهي **فان لهم حنانك الابويّا
وانلني ثواب ما سطرت كفيّ **فهاج الدمع في مقلتيّا
سفر خير الانام من بعد طه** ما رأى الكون مثله آدميّا
يا سماء اشهدي و يا ارض قرّي **و اخشعي انّني ذكرت عليّا

ليست هناك تعليقات: